عيد الفطر: عيد التراحم والتعاون والتزاور

Dr. MAH Azhari
هنيئا لأهل الأرض بحلول عيد الفطر المبارك، ضيفنا الكريم الذي يعود إلينا بعد فترة، بذكريات التراحم مع من يكابدون الفقر والفاقة ويعانون من أنواع المصائب والمتاعب. فنرحب به من مجامع قلوبنا محتفلين بنفحاته معتبرين بدروسه متذكرين بعظيم امتنان الله تعالى وشاكرين له. نقدم هنا بعض التأملات حول عيد الفطر المبارك.

» الإسلام دين الفسحة

من أعظم تعاليم عيد الفطر أن الإسلام لا يجعل الإنسان مغلولا بسلاسل الأوامر والنواهي، بل يمتّعه بمزيد فسحة وفرحة. ففد شرع الله بعد الصيام عيد الفطر، وبعد مناسك الحج عيد الأضحى. روى البخاري أنَّ أبَا بَكْرٍ، دَخَلَ على النبي ﷺ يَومَ فِطْرٍ أوْ أضْحًى، وعِنْدَه قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بما تَقَاذَفَتِ الأنْصَارُ يَومَ بُعَاثٍ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ؟ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «دَعْهُما يا أبَا بَكْرٍ، إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وإنَّ عِيدَنَا هذا اليَوْمُ» ففي هذا التعليل تأكيدٌ بأنّ في الإسلام زيادة فُسحة وفرحة.

» التراحم مع المحتاجين

يعلم الإسلام الكون البشري كيف ينبغي أن تكون الأعياد والاحتفالات. فقد شرع الله زكاة الفطر بحلول عيد الفطر المبارك، رحمة منه بعباده الفقراء حتى لا يبقى أحد ممن آمن به لا يجد ما يسد جوعه في هذا اليوم المبارك. روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: "فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ زكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطُعمَةً للمساكينِ". فقد جعل الله زكاة الفطر تطهيرا وتنظيفا للأدناس التي تجمدت إبان أيام الصيام.
ولا ينبغي أن ينحصر التراحم مع أهل الفقر والفاقة في زكاة الفطر فحسب، بل نساعدهم بكل ما يحتاجون حتى يكون عيدهم عيد الغنى والارتياح.

» يوم التزاور وصلة الأرحام

من أهم جوانب العيد التزاور مع الأقرباء والأصدقاء وصلة الأرحام وحث الإخوة على ذلك، وهو إن كان مع الهدايا المحبوبة كان آكد لتبادل المحبة. ولا ننسى أقاربنا المرحومين تحت طبق الأرض، فنزور قبورهم ونهدي لهم ثواب القربات وندعو الله لهم بخصوصهم. وكل ذلك يكون سبباً للتوسع في الأرزاق لما روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ له فِي رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».

» التهنئة بالعيد

لا يخفى أن لتبادل التهاني دورا ملحوظاً في جعل العيد أكثر انسجاما وإحساسا بنبضات القلوب. فهو مندوب ومحبوب في هذا اليوم المبارك، فنلقى أحبتنا بوجوه مبتسمة، وندخل السرور في قلوبهم بتهاني العيد.

» يوم عبادة وشكر

لا ينبغي أن ينقضي العيد مجرد احتفال وتجوال، ولذا شرع الله لنا صلاة العيدين. فنصليها مع الجماعة، ونشكر الله على أن وفقنا لإتمام الصيام وسائر القربات. وقد ورد أن الدعاء مستجاب في هذا اليوم المبارك فندعو الله تعالى مخلصين له الدين، ونكثر من التكبيرات والتحميدات وتهليلات شكراً للمولى تعالى في علاه. وليكن في هذا اليوم المبارك العزم على مداومة النفحة الإيمانية فيما يستقبل من الأيام، والتي أحرزناها في شهر رمضان المبارك. فإن العيد لا لمن لبس الجديد وأكل الرغيد بل لمن خاف الوعيد وخشي العذاب الشديد.

© 2024 Dr. MAH Azhari
⚡ziqx.cc